* القافلة الطبية الي محلية كليمندو :-
كليمندو :مكي عبداللة حسب ربه
ظل الحاج إبراهيم محمد سعيد البالغ من العمر 70عاما كفيفاً لفترة 15 عاما وابنه يقوده صوب السوق لقضاء حاجياته وكذالك لمزاولة أنشطته الاجتماعية داخل المدينة مسلماً بقضاء الله وقدره بعد أن فارقه البصر وأصبح من (اهل البصيرة ) لم يكن الحاج سعيد يتوقع أن يرتد إليه بصره في هذه الأيام بعد أن تعايش مع ( العمي) لفترة (15) عامآ إلا أن المفاجأة كانت بقدوم القافلة الطبية التي نظمتها (الوقار)والتي أجرت مخيماً لجراحة العيون أبصر فيه عمنا الحاج سعيد الضوء من جديد .
هذه الحكاية وحكايات أخري وجدناها في مخيم العيون بمحلية (كلمندو) في لمسة إنسانية بارعة وبمساهمة كريمة من معتمد الرئاسة بولاية الخرطوم المهندس موسي آدم إبراهيم وبمشاركة ديوان الزكاة بشمال دارفور حيث تحركت منظمة الوقارالخيرية بقافلة طبية إلي محلية كليمندو بولاية شمال دارفور وتحديداً إلي منطقة ودعة .
* فكرة عن كليمندو
يعود المسمي (كليمندو) لجبل وقرية صغيرة كانت في السابق تفتقر لأبسط مقومات الحياة من خدمات (تعليم _صحة _كهرباء _مياه ) ولكن بفضل مساهمة كريمة من ابن المنطقة رجل الأعمال المعروف الحاج صديق ودعة الذي تبرع بملغ 15 مليون دولار لإنشاء المدينة في عام 2002م لتغيير وجه الحياة هناك وضمت المنشأت مدرستي أساس بنين وبنات ومثلهما ثانويتين ومسجد وخلوة لتحفيظ القران ومركز شرطة ومستشفي ومحطات مياه وفندق وإستراحة أنيقة تنافس فنادق الخرطوم من الدرجة الأولي بالإضافة إلي مستشفي في ودعة ومسجد في كل من (ساني كرو – ودكوته- بحر أم درمان- قصة جمت ) وكان أن افتتح تلك المنشأت السيد رئيس الجمهورية في عهد المعتمد السابق ومؤسس المنطقة إبراهيم الملقب ب ( إبراهيم كليمندو ) والمنطقة تضم عدداً من الوحدات الإدارية ( ودعة – ساني كرو – أبو دليك – أرقد مراريت )ويبلغ عدد سكان المدينة (2000 ) أسرة وتتميز المحلية بالموقع الجيوإستراتيجي وتحدها من ناحية الشمال محلية الفاشر ومن الشرق إم كدادة و الطويشة ومن الغرب دار السلام ومن الجنوب شعيرية علاوة علي أنها تقع في الحدود بين ولايات شرق وشمال وجنوب دارفور .
تتميز كليمندو بنشاط زراعي حيوي وتنتج العديد من المحاصيل المتنوعة مثل الفول والدخن والذرة والسمسم و حب البطيخ والصمغ العربي و الكركدي بالإضافة إلي الخضر التي تغذي مدينة الفاشر هذا بالإضافة إلي المنتجات الحيوانية ( الإبل – الأبقار –الضأن – الماعز ) ويمر بالمحلية وادي الكوع علي امتداد 100 كيلو في أراض طينية عالية الخصوبة وبها مشروع ساق النعام.
* الأحداث في المنطقة :-
شهدت المنطقة أول نزاع في أراضيها في العام 1991م من قبل عصابات النهب المسلح وعرفت الحادثة بالثاني من رمضان حيث راح ضحيتها 35 شخصاً ومن ثم حادث ودكوتة في 19مارس من ذات العام ووصل الضحايا إلي 15 فرداً.
وفي 2008م تم الاعتداء علي رئاسة المحلية وراح ضحيته 4 أشخاص ثم تلي ذلك حادث جمت و أم شجر وبحر أم درمان وكان جملة الضحايا 31 فرداً في العام 2009م . ورغم فداحة الأحداث وما ترتب عليها من تداعيات إلا أن سكان المنطقة استعصموا ب الله وتمسكوا بأرضهم دون مغادرتها ورفضوا فكرة النزوح إلي المدن الكبيرة ( العاصمة القومية – الفاشر – نيالا ) ورغم المعاناة إلا أن الأمل كان حاضراً في نفوس المواطنين لمزاولة نشاطهم بشكل اعتيادي حيث ظلت المدارس تعمل دون توقف رغم الأجواء الحذرة. وينطبق ذلك علي بقية المرافق الحيوية التي ظلت تعمل بكفاءة رغم قلة الإمكانيات والمضايقات من الحركات المسلحة .
* القافلة الطبية :-
وبالعودة إلي فكرة المخيم فقد ابتدرت منظمة الوقار الخيرية فكرة تسيير قافلة طبية إلي منطقة ودعة برعاية ابن المنطقة المهندس موسي اَدم إبراهيم معتمد الرئاسة بولاية الخرطوم وبمشاركة فاعلة من ديوان الزكاة ممثل برعاية أمينه العام حافظ شمشوم و أيضا معتمد محلية كليمندو يعقوب عبدالرحمن بالتعاون مع مؤسسة البصرة الخيرية ب(مستشفي مكة لطب العيون ) وتم استقبال القافلة عند مدخل المدينة بوفد كبير يتقدمه الناظر حامد أحمد آدم ناظر قبيلة الميما ومعتمد المحلية يعقوب عبدالرحمن ومن ثم انتقل الاحتفال إلي ميدان المستشفي الموقع المعد للاحتفال وتدافعت جموع غفيرة من المواطنين وكان المشهد الملفت أن مجموعات كبيرة من الأطفال يلبسون الهلال علي رؤوسهم وفي أيديهم الجرتق والحريرة ومن حولهم مجموعة من الحكامات وفي أيديهن الدلوكة يغنين الأغاني التراثية والشعبية ما دفع البعض إلي العرضة ورمي الملايين من الجنيهات علي الحكامات ) الجدير بالذكر أن تكلفة القافلة بلغت 3 مليار جنيه وكتب لها النجاح بوصولها للمستهدفين والقادمين من المحليات و المناطق المجاورة ( دار السلام – الطويشة - ساني كرو – خزان جديد – أم بيتين – أم لواي – أم شجر – أبيض - قصة جمت - ودكوتة – بحر أم درمان ) حيث تمكنت القافلة من تقديم خدمات علاجية ( قطرات + نظارات طبية و شمسية ) لعدد 3150 شخصاً بالإضافة لإجراء320 عملية زراعة عدسة .
وفي برنامج مصاحب تم ختان عدد 570 طفلاً أغلبهم من اليتامي والفقراء كما أن جملة العيادات الطبية الخاصة بالنساء والأطفال والجراحة والباطنية التي أشرف عليها الدكتور سليمان عبدالله اختصاصي الجراحة من مستشفي الجنينة بلغت 2351 مقابلة وكانت جميع تلك المقابلات والعمليات دون أي مقابل وتم إهداء المختونين ملابس بيضاء ما ترك أثراً طيباً في نفوس المواطنين هناك .
ورغم توجس الأطباء والوفد المرافق من النواحي الأمنية إلا أنهم بمجرد وصولهم للمنطقة تبددت المخاوف و التحم الوفد مع المواطنين وتوفرت لهم كل سبل الراحة من سكن مريح وطعام شهي كعادة أهل دارفور وشكل ذلك لوحة جميلة فتحت جسراً للسلام والمحبة والتواصل والتسامح وسُلط الضوء علي واقع آخر من الإنسانية رغم الظروف الصعبة التي مرت بها المنطقة .
وفي البرنامج المصاحب ( الثقافي و الديني ) قامت العديد من الندوات تحدث فيها الدكتور إبراهيم بوشة و الدكتور آدم عصار ‘ الشيخ أحمد سنين ) في مواضيع شتي أهمها نبذ الخلافات وحسن التعايش بين القبائل .
وفي اليوم الختامي وبتنظيم من فريق نجوم كليمندو ‘ أقيم مهرجاناً رياضياً ومباراة لكرة القدم بين فريق التحدي و كف الأسد علي الكأس المقدم من معتمد رئاسة ولاية الخرطوم موسي آدم إبراهيم . وفاز بها فريق التحدي ‘ وقدم معتمد كليمندو يعقوب عبدالرحمن والناظر حامد أحمد آدم الكأس وتبرع ابن المنطقة إبراهيم الدومة (المرمندو) بتأهيل إستاد مدينة ودعة . وفي الختام يمتد الشكر والتقدير للجنة المشرفة علي تنظيم المخيم والشكر موصول لكل من وزير الصحة بالسلطة الإقليمية عثمان البشري ووزير الصحة بولاية شمال دارفور أبوالعباس عبدالله الطيب ولكل مواطني ودعة من الشيوخ والشباب والنساء والأطفال علي كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال كعادة أهل دارفور
الاخبار الخميس22-8-2013