1 قراءة دقيقة

ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺘﻰ ﺳﻠﻜﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ
ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ

ﻳﺆﻛﺪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ , ﺃﻥّ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﺓ ﻣﻦ ﺷﺒﻪ
ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺠﺎﺯ , ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ , ﻋﻦ
ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ ﻭﻣﺼﺮ .ﻭﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ , ﺳﻮﺍﺀً ﺃﻛﺎﻧﻮﺍ
ﺗﺠﺎﺭﺍً ﺃﻡ ﻣﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻗﺪ ﺇﺳﺘﻘﺮﻭ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻓﻰ ﻣﺼﺮ ﻭﺍﻟﺤﺒﺸﺔ ,
ﻭﺍَﺧﺮﻭﻥ ﻗﺪ ﺍﺗﺤﺬﻭﺍ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺯﺭﻕ , ﻭﻧﻬﺮ ﻋﻄﺒﺮﺓ
ﺷﻤﺎﻻً ﺍﻟﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ . ﻭﻣﻦ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ , ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻃﺮﻳﻖ
ﻳﺒﺪﺃ ﻣﻦ ﺩﻧﻘﻼ , ﻭﻳﺘﺠﻪ ﻏﺮﺑﺎً ﻟﻴﺘﺼﻞ ﺑﺪﺭﺏ ﺍﻻﺭﺑﻌﻴﻦ , ﺍﻟﺬﻯ
ﻳﺼﻠﻬﺎ ﺑﺪﺍﺭﻓﻮﺭ. ﻭﻳﺆﻛﺪ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ (ﻫﺎﺭﻭﻟﺪ ﻣﺎ ﻛﻤﺎﻳﻜﻞ ) ﻓﻰ
ﻛﺘﺎﺑﻪ _ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻓﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ _ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ﻫﻨﺎﻟﻚ
ﻣﺎﻳﻮﺿﺢ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ , ﺳﻮﺍﺀً ﺃﺟﺎﺀﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻕ , ﻋﺒﺮ
ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ , ﺃﻡ ﺟﺎﺀﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ , ﻋﺒﺮ ﻭﺍﺩﻯ ﺍﻟﻨﻴﻞ ,
ﻭﺟﺪﻭﺍ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﻏﺮﺑﺎً , ﻋﺒﺮ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ. ﻭﻟﻤّﺎ ﻓﺘﺢ
ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻣﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﻋﺎﻡ 641 ﻡ
, ﻭﺗﺪﻓﻖ ﺟﻤﻮﻉ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﺳﻠﻜﻮﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻧﻔﺴﻪ ,
ﻭﻫﻮ ﺩﺭﺏ ﺍﻻﺭﺑﻌﻴﻦ , ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ . ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻟﻌﺐ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺩﻭﺭﺍً ﻫﺎﻣﺎً , ﻓﻰ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻌﺮﻭﺑﺔ , ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ , ﻭﺣﻀﺎﺭﺗﻪ
ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ , ﻭﺍﻟﻰ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻻﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭﺑﻠﺪﺍﻧﻬﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ
. ﻭﺍﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻻﺭﺑﻌﻴﻦ , ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻃﺮﻳﻖ ﺻﺤﺮﺍﻭﻱ
ﻏﺮﺑﻲ ﺍَﺧﺮ , ﺭﺑﻂ ﺑﻴﻦ ﻣﺼﺮ ﻭﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﺍﻳﻀﺎً . ﻭﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ ﻳﺘﻮﺳﻂ
ﻃﺮﻳﻖ ﻧﻬﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞ , ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻠﻴﺒﻲ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ , ﻭﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻖ
ﺍﻟﻠﻴﺒﻲ , ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﻤﺮ , ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺑﺎﻟﺼﺤﺮﺍﺀ
ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ , ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺴﻤﻰ ﻓﻰ ﺟﺰﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ , ﻭﻫﻰ
ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻘﻊ ﺷﻤﺎﻝ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﻭﺗﺸﺎﺩ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻳﻤﺘﺪ
ﻣﻦ ﻏﺮﺑﻰ ﺍﻟﺪﻟﺘﺎ , ﺃﻭ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ,
ﻭﻳﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ , ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻰ
ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﻭﺩﺍﺭﻓﻮﺭ . ﻭﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺬﻛﺮﻩ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺏ

ﻣﺼﺮ , ﻓﻰ ﺭﻭﺍﻳﺎﺗﻬﺎ ﻭﺃﺧﺒﺎﺭﻫﺎ .ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﻴﻦ . ﺍﻟّﻠﺬﻳﻦ
ﻳﻮﺻﻼﻥ ﺑﻴﻦ ﻣﺼﺮ ﻭﺩﺍﺭﻓﻮﺭ , ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻃﺮﻳﻖ ﺛﺎﻟﺚ , ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻏﻴﺮ
ﻣﺒﺎﺷﺮ , ﺇﺫ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺃﻭﻹً , ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ
ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﻭﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﺛﺎﻧﻴﺎً . ﻭﻳﻜﺎﺩ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ , ﻫﻮ
ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻠﻬﺠﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺼﻔﺔ
ﻋﺎﻣﺔ . ﻛﻤﺎ ﻭﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻗﺪﻡ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺘﻰ ﺳﻠﻜﺘﻬﺎ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ . ﻓﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻻﻳﺴﺠﻞ ﻓﻰ ﺍﻯ ﻋﻬﺪ ﻣﻦ
ﻋﻬﻮﺩﻩ , ﻭﺻﻮﻝ ﻣﻮﺟﺎﺕ ﻫﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﻫﺠﺮﺍﺕ ﻋﻨﻴﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ
ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻏﻴﺮ ﻣﺠﺮﻯ ﻧﻬﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞ , ﺍﻟﺬﻯ ﻳﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺤﻨﻮﺏ . ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ , ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ . ﻭﻻ ﻳﻔﻮﺗﻨﺎ ﻫﻨﺎ , ﺃﻥ ﻧﻀﻴﻒ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ
ﺍﻟﺬﻯ ﻳﺮﺑﻂ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮﺍﻷﺣﻤﺮ , ﻭﻳﻨﺘﻬﻰ ﻋﻨﺪ ﻣﻴﻨﺎﺀ ﻋﻴﺬﺍﺏ ,
ﺍﻟﺬﻯ ﻳﻘﻊ ﻓﻰ ﺍَﺧﺮ ﺣﺪﻭﺩ ﻣﺼﺮ ﻭﺃﻭﻝ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ . ﻭﻛﺎﻥ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﺸﻬﻮﺭﺍً ﺑﺄﻧﻪ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻠﺤﺞ , ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺃﻧﻪ ﻃﺮﻳﻖ
ﻟﻠﺘﺠﺎﺭﺓ. ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﺤﺠﺎﺝ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ , ﻭﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ,
ﻭﻏﺮﺏ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ,ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺳﻄﻲ
ﻟﻠﺬﻫﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺠﺎﺯ ,ﺗﺠﻨﺒﺎً ﻟﻸﺧﻄﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﺔ
, ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﺣﻮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻣﻴﺪﺍﻧﺎً ﻭﻣﺴﺮﺣﺎً ﻟﻬﺎ .
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ( ﻋﻴﺬﺍﺏ ) , ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﻏﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻦ ,
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﻘﻠﻮﺍ ﺳﻔﻨﻬﻢ ﻓﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ ,
ﻭﺃﺧﺬﻭﺍ ﻳﻬﺪﺩﻭﻥ ﻗﻮﺍﻓﻞ ﺍﻟﺤﺞ ﺍﻟﺒﺮﻳّﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ . ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻗﺮﺏ
ﻋﻴﺬﺍﺏ ﻣﻦ ﺟﺪﺓ , ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻮﻗﻌﺎً ﻣﻼﺋﻤﺎً ﻹﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻷﺣﻤﺮ .
ﻭﻗﺪ ﻇﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻴﻨﺎﺀ ﻳﺆﺩﻯ ﻣﻬﻤﺘﻪ , ﺣﺘﻰ ﺇﻧﺪﺛﺮ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻓﻰ ﺃﻭﺍﺧﺮ
ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ , ﻭﺍﻧﺘﻘﻞ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪﺓ ﺳﻮﺍﻛﻦ , ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻘﻊ
ﻓﻰ ﺃﺭﺿﻰ ﺍﻟﺒﺠﺔ , ﻭﺍﻟﺘﻰ ﺗﺮﺟﺢ ﺍﻟﺮّﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ
ﺇﻟﻰ ﻋﺮﺏ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ , ﻭﺑﺨﺎﺻﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻣﺔ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻭﺻﻔﺖ ﺑﺄﻧﻬﺎ
ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺠﺎﻭﻳﺔ , ﻭﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ
, ﺃﺧﺬﺕ ﺗﺆﻣﻬﺎ ﺍﻟﺴﻔﻦ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﻬﻨﺪﻯ , ﻛﻤﺎ ﻗﺼﺪﻫﺎ
ﺗﺠﺎﺭ ﻣﻦ ﺣﻀﺮﻣﻮﺕ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺍﻟﻬﻨﺪ ﻭﺍﻟﺼﻴﻦ . ﻭﺍﻧﻄﻠﻘﻮﺍ ﻣﻨﻬﺎ
ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺣﺘﻰ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﻭﺩﺍﺭﻓﻮﺭ

ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺍﺣﺎﺕ
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻮﺍﺣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻘﻊ ﻓﻰ ﺻﺤﺮﺍﺀ ﻣﺼﺮ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻃﺮﻳﻘﺎً
ﻟﺒﻌﺾ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻬﺠﺮﺍﺕ , ﻭﺍﻟﻤﻌﺒﺮﺓ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ
, ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ , ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺇﻟﻰ ﺩﻧﻘﻼ
ﻭﺩﺍﺭﻓﻮﺭ. ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﻘﻮﺍﻓﻞ , ﺗﺨﺘﺮﻕ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻗﻠﻴﻢ ﻣﻦ
ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ . ﻭﺑﺨﻼﻑ ﺍﻟﻮﺍﺣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ , ﺍﻟﺘﻰ
ﺭﺑﻄﺖ ﺑﻴﻦ ﻣﺼﺮ ﻭﺩﺍﺭﻓﻮﺭ , ﻭﻫﻨﺎﻟﻚ ﻃﺮﻳﻖ (ﺩﺭﺏ
ﺍﻻﺭﺑﻌﻴﻦ ) , ﺍﻟﺬﻯ ﻳﺼﻞ ﺃﺳﻴﻮﻁ ﺑﺪﺍﺭﻓﻮﺭ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ . ﻭﻗﺪ ﺳﻠﻚ
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻭﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ
ﺍﻷﻭﻟﻰ , ﻭﻇﻠﻮﺍ ﻳﺴﻠﻜﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ , ﻭﻗﺪ ﺃﺿﺤﻨﺎ
ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻳﻀﺎ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ , ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ
_ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ _ﺍﻟﺬﻯ ﻭﺻﻞ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ
, ﻓﻰ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ , ﻭﻟﻢ ﻳﺼﻞ ﺇﻻ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺩﺭﺏ
ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ .ﻭﻳﻘﻮﻝ : ﺍﻟﻤﻘﺮﻳﺰﻯ ﻓﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ ( ﺇﻣﺘﺎﻉ ﺍﻷﺳﻤﺎﻉ ) ﺃﻧﻪ
ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﺴﻠﻞ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻟﻠﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻳﻀﺎً ,
ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻰ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ , ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﺀ
ﻋﻠﻰ ﻣﻤﻠﻜﺘﻰ ﺍﻟﻤﻘﺮﺓ ﻭﻋﻠﻮﺓ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺘﻴﻦ , ﻭﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻰ
ﺃﻧﻘﺎﺿﻬﻤﺎ ﻣﻤﻠﻜﺘﺎﻥ ﻋﺮﺑﻴﺘﺎﻥ ﺇﺳﻼﻣﻴﺘﺎﻥ ﻫﻤﺎ : ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻜﻨﺰ ,
ﻭﻣﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻔﻮﻧﺞ . ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ , ﺍَﺛﺎﺭ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺪﺍﺭﻓﻮﺭ . ﺇﺫ ﺇﻧﻄﻠﻘﺖ
ﺍﻟﻴﻬﺎ ﻫﺠﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ , ﻋﺒﺮ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ , ﻭﻋﺒﺮ ﺻﺤﺮﺍﺀ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺍﻟﺘﻰ
ﺗﻘﻊ ﺷﻤﺎﻝ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﻭﺗﺘﺼﻞ ﺑﺸﻤﺎﻝ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ . ﻭﻳﺬﻫﺐ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻓﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ _ (ﻣﺤﺎﺿﺮﺓ
ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺮﻭﺑﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ) , ﺍﻟﻰ : ﺃﻥ ﺑﻌﻀﻨﺎً ﻣﻦ ﺑﻨﻰ ﺃﻣﻴﺔ , ﻗﺪ
ﺍﺳﺘﻮﻃﻨﺖ ﻓﻰ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻔﻮﻧﺞ ﺑﺴﻨﺎﺭ , ﻓﻮﺭ ﻭﺻﻮﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﺒﻪ
ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ , ﻭﺍﺧﺘﻠﻄﺖ ﺑﻘﺒﺎﺋﻠﻬﺎ , ﻭﺗﺼﺎﻫﺮﺕ ﻣﻌﻬﺎ ﻋﺒﺮ
ﺍﻟﺰﻣﻦ . ﺛﻢ ﺇﺿﻄﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ , ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺗﺠﺎﻩ

ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ , ﻋﺒﺮ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ . ﻭﻫﻮ ﺃﻭﻝ ﺇﺧﺘﻼﻁ ﻟﺒﻨﻰ ﺃﻣﻴﺔ
ﺑﺎﻟﺪﻡ ﺍﻟﻔﻮﻧﺠﻲ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ , ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﻛﺴﺒﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ
ﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ : ﻣﺜﻞ ﻟﻮﻥ ﺍﻟﺒﺸﺮﺓ ﺍﻟﺴﻤﺮﺍﺀ , ﻭﺗﻘﺎﻃﻴﻊ ﺍﻟﻮﺟﻪ ,
ﻭﺍﻟﺘﻰ ﺇﺯﺩﺍﺩﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ , ﺑﻌﺪ ﺇﺧﺘﻼﻃﻬﻢ ﺑﻘﺎﺋﻞ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭﻓﻴﻤﺎ
ﺑﻌﺪ

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة